المدة الزمنية 13:29

ما هو التوفيق الالهي و كيف نكون أهلاً لتوفيق الله ﷻ .كلام جميل ومفيد جداًالشيخ علي المياحي كندا

373 525 مشاهدة
0
24.2 K
تم نشره في 2022/07/17

لا غنى للمؤمنِ عن التوفيقِ: ثلاثُ خصالٍ لا يستغني عنها مؤمنٌ- أيَّاً كان موقعُه، وأيَّاً كانت مرتبتُه، وهي طريقُهُ للتكامل، فهو غيرُ مستغنٍ عن توفيقِ اللهِ -عزَّ وجل-، وأنْ يكونَ له واعظٌ من نفسِه، فيتحسَّسُ للذنبِ فيحذرُه ويتأثَّمُ به ويؤنِّبُ نفسَه لو ارتكبه، ويتأمَّلُ في شئون ذاتِه وأحوالِه، ويتأَدُ في أموره، ويتأنَّى كلَّما خشيّ أن يقعَ في محذور، ثم إنَّ له ناصحاً ينصحُه فيقبلُ منه نصيحتَه فلا يستنكفُ ولا يرى أنَّه فوق أنْ يُنصح. لماذا لا يستغني المؤمنُ عن التوفيق؟ نقفُ أولاً على الفقرة الأولى من كلامِ الإمامِ الجوادِ (عليه السلام) لماذا لا يستغني المؤمنُ عن التوفيق؟. ذلك يتَّضحُ بالوقوفِ على معنى التوفيق. الجواب يكمن في معرفة معنى التوفيق: التوفيق: يُطلق في مقابلِ الخُذلان، والمرادُ من الخُذلان: هو تركُ المعونةِ والنُّصرةِ والمؤازرة. فأنْ تخذِلَ أخاك، فهذا لا يعني أنْ تَضرَّه، وإنَّما يعني أنْ تتركَه وشأنَه في ظرفٍ هو بحاجةٍ إليك، فهذا هو الخُذلان. ولذلك وردت هذه المقابلةُ بين مفهومي النُصرةِ والخُذلانِ في قوله تعالى: ﴿إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾(2). ووردتْ المقابلةُ بين التوفيقِ والخُذلان فيما يُؤثَرُ عن أميرِ المؤمنين (ع) انَّه قال: "التوفيقُ والخذلانُ يتجاذبانِ النفسَ، فأيُّهما غلبَ كانتْ في حيِّزهِ"(3) أي كانت النفسُ في حيِّزه، فهي إما في حيِّزِ التوفيقِ الإلهي أو هي في حيِّزِ الخذلان. أوهي تارةً في حيِّزِ التوفيق وأخرى في حيِّزِ الخُذلان. وبذلك يتَّضحُ معنى التوفيقِ الإلهي فهو يعني التسديدَ والتيسيرَ والمدَد، فأنْ تكونَ موفَّقاَ فذلك معناهُ أنّ اللهَ تعالى قد يسَّر لك الوصولُ إلى ما تقصد، وأعانَكَ على بلوغِ ما ترغبُ فيه، وعصَمَكَ عن الوقوع فيما تُحذرُ منه، وألهمَك السدادَ والصوابَ في الرأي الذي تُقلِّبُه وتبحثُ فيه عن مواطنِ الرُشد. فذلك هو التوفيق، وفي مقابلِه الخُذلان، فالمخذولُ هو المحرومُ بسوءِ اختياره من لطفِ اللهِ تعالى وتسديدِه وتيسيرِه ومعونتِه ومددِه. فالخُذلانُ ليس بمعنى أنْ يباغتَك اللهُ تعالى بنقمتِه بل هو بمعنى أنْ يكلَك إلى نفسك ويدعَك وشأنَك، فلا تحظى منه بتسديدٍ ولا مددٍ ولا تيسير، وحينذاك فلينتظرِ المخذولُ العِثارَ والخيبةَ والخُسران. ثم إنَّ الخٌذلانَ وكذلك التوفيقَ ليس على مرتِبةٍ واحدة، فقد يكون الإنسانُ مخذولاً في شأنٍ من الشئون ولكنَّه موفَّقٌ في شأنٍ آخر، وقد يكون مخذولاً في وقتٍ ولكنَّه موفَّقٌ في آخر، ولذلك أفاد أمير المؤمنين (ع) انَّ الخذلانَ والتوفيقَ يتجاذبانِ الإنسان، فصيرورته في حيِّز الخذلان تابع لسوء اختياره كما انَّ صيروتَه في حيِّزِ التوفيق تابعٌ لحسنِ اختياره. فيجدُ الإنسانُ نفسَه يكدحُ ويبذلُ الجهدَ المُضني في سبيل تحصيل رزقِه ثم لا يجدُ لهذا الجهدِ مُحصَّلاً وإنْ وجد فإنَّه لا يجدُ فيه بركة، فإما أنْ يتبدَّد مالُه في علاج مثلاً أو يضعه في يد زوجةٍ مشاكسة لا يجدُ فيها قرةَ عين أو يعبثُ بأمواله الحمقى من أبنائه، وقد يستفرغُ وسعه في تحصيل العلم لكنَّه يجدُ نفسَه عاجزاً عن الإتقانِ والحفظ، ذلك لأنَّه لم يحظَ بتوفيقِ الله تعالى، فهو مخذولٌ من هذه الجهة، لذلك ورد عن أمير المؤمنين (ع) انَّه قال: "لا ينفعٌ اجتهادٌ بغيرِ توفيق" وأفاد (ع) "خيرُ الإجتهادِ ما قارنَه التوفيق".

الفئة

عرض المزيد

تعليقات - 1074